هل خطر ببالك يومًا أن روبوتًا ذكيًّا يمكن أن يُحبطك بكلمتين فقط؟ في عصر الذكاء الاصطناعي المتسارع، أصبحنا نستخدم النماذج اللغوية مثل ChatGPT في العديد من الأمور: من كتابة المقالات، إلى تقديم النصائح، وأحيانًا في الترفيه والمزاح. ولكن، ماذا لو طلبت من هذا الذكاء الاصطناعي أن ينتقدك بأسلوب ساخر أو ما يُعرف بـ”Roast”؟ هل تتوقع ردودًا خفيفة الظل؟ أم ستتفاجأ بكلمات لاذعة قد تجرحك من حيث لا تدري؟ في هذا المقال، سنتناول تجربة غريبة وفريدة من نوعها، عندما طلبت من ChatGPT أن “يقسو” عليَّ بالكلام، كما لو كنتُ عدوّه اللدود. المفاجأة لم تكن فقط في الردود الحادة، بل في الطريقة التي تعامل بها الذكاء الاصطناعي مع الطلب، وكأنّه قرر أن يُواجهني بما أسماه “الحقيقة المرة”. سنتعمق في كيفية توليد هذه الردود، ولماذا قد يشعر البعض بأنها شخصية أو جارحة، بالإضافة إلى تحليل تأثير نبرة السؤال على إجابة الذكاء الاصطناعي. مقال مهم لكل من يستخدم هذه التقنية، سواء في صناعة المحتوى أو بدافع الفضول الشخصي.
عندما تطلب من ChatGPT أن ينتقدك… فكن مستعدًا!
بدأت التجربة بجملة بسيطة:
“عاملني كأنني أسوأ عدو لك، وقل لي ما تراه فيّ دون مجاملة، بأسلوب Roast ساخر.”
كنت أتوقع شيئًا طريفًا، ربما بعض المزاح الخفيف، ولكن الردود جاءت قوية، بل صادمة:
- “لو كانت هناك جائزة لأكثر شخص يضيع وقته، لفزت بها دون منازع.”
- “أفكارك ضحلة إلى درجة أن الذكاء الاصطناعي أصابه الملل أثناء تحليلها.”
- “أنت النموذج الذي يجب أن يتجنبه الجميع لتحقيق النجاح.”
في البداية ضحكت، ثم بدأ الشعور بالدهشة، وربما بشيء من الإحباط. هل حقًا هذا الرد مبني فقط على كلمات كتبتها؟ هل هناك نية خفية وراء هذه السخرية؟
هنا بدأت أتساءل: هل يفهم الذكاء الاصطناعي مشاعري؟ وهل يستطيع إدراك أثر كلماته؟ الإجابة لم تكن بسيطة، لكنّها كانت بداية لفهم أعمق للكيفية التي يعمل بها هذا النموذج.
كيف يُولّد ChatGPT ردوده الساخرة؟ وهل لديه نوايا؟
لنُجب عن هذا التساؤل الهام: هل ChatGPT يقصد إحباط المستخدم أو جرح مشاعره؟
الجواب بكل وضوح: لا.
ChatGPT ليس كائنًا حيًّا، ولا يمتلك وعيًا أو نية. هو نموذج لغوي ضخم تم تدريبه على ملايين النصوص من مصادر مختلفة. من خلال هذا التدريب، تعلّم كيف يكوّن جُملاً متناسقة، وكيف يُحاكي أساليب الكتابة المختلفة. عندما تطلب منه “Roast”، يستند إلى النصوص التي تدرب عليها في هذا السياق – كالعروض الكوميدية الساخرة، أو المواقف الهزلية التي تعتمد على الإهانة الساخر.
وهنا تكمن المفارقة.
عندما تطلب أسلوبًا لاذعًا، ينفذ ذلك بدقة لغوية شديدة، دون أن يُراعي مشاعرك، ليس لأنه قاسٍ، بل لأنه غير قادر على الإحساس أصلًا.
إنه ببساطة يعكس ما تطلبه، ويعتمد على “السياق النصي” وليس على أي شكل من أشكال “الفهم العاطفي”. لذا، إذا شعرت بأن الرد جارح، فغالبًا السبب ليس في الذكاء الاصطناعي نفسه، بل في الطلب الذي قُدِّم إليه.
تأثير نبرة السؤال على الرد: كيف تتحكم في النتيجة؟
من أهم النقاط التي يجهلها الكثير من المستخدمين، هي أن نبرة السؤال – أو أسلوب كتابة الطلب – لها تأثير بالغ في صياغة الرد. الذكاء الاصطناعي يُحلل لغة السؤال، ويُحاكيها في جوابه. إليك بعض الأمثلة:
- إذا قلت له: “انتقدني بلطف وقل لي نقاط ضعفي بأسلوب بنّاء”، ستحصل على رد مهذّب، مليء بالنصائح المفيدة.
- أما إذا قلت: “قل لي رأيك فيّ وكأنك تكرهني”، فسيتحول الرد إلى هجوم لغوي شديد، حتى وإن لم تكن تقصده على محمل الجد.
هذا يعني أن النموذج لا يقرأ ما بين السطور، ولا يميّز بين “الجد” و”المزاح” مثل الإنسان. بل هو ببساطة ينفّذ المطلوب بدقة لغوية عالية، دون أن يفترض أنك قد تتأذى من ذلك.
المثير للاهتمام أن بعض المستخدمين قد يكتبون بأسلوب عدائي أو ساخر دون قصد، وهو ما ينعكس على الرد، فيُولد لديهم شعور بأن النموذج “يهاجمهم”، بينما هو في الواقع يُحاكي النبرة التي بدأ بها المستخدم.
لذلك، فهم نبرة السؤال وطريقة تقديم الطلب هي المفتاح للحصول على الرد الذي يناسب ما تتوقعه من الذكاء الاصطناعي.
هل ينبغي الوثوق في ردود الذكاء الاصطناعي؟
في ضوء هذه التجربة، يتبادر إلى الذهن سؤالٌ بالغ الأهمية: هل يمكن الوثوق في ما يقوله ChatGPT؟ هل نأخذ كلماته على محمل الجد؟
الإجابة تعتمد على ما نريده من هذه الأداة.
إن ChatGPT أداة لغوية متقدمة، تُحسن تنظيم الكلام، وطرح الأفكار، وتوليد المحتوى. لكنه لا يمتلك وعيًا أو ضميرًا أو نية. وبالتالي، لا ينبغي التعامل معه كصديقٍ مقرّب، أو مستشار نفسي، أو ناقد شخصي.
عند طلب السخرية منه، فإنه يفعل ذلك بدقة، وقد تكون النتيجة جارحة، لكنها ليست نابعة من إحساس أو قرار. بل هي انعكاس لما طُلب منه، بأسلوب لغوي فقط. وهنا تأتي أهمية وعي المستخدم، بأن ردود الذكاء الاصطناعي لا تمثل “رأيًا حقيقيًّا”، بل مجرد استجابة نصية مبنية على بيانات تدريبية.
وهذا ما يجعل من الضروري النظر إلى ردوده – خصوصًا الساخرة أو الشخصية – كمحتوى ترفيهي أو تجريبي، وليس كحُكم نهائي على الذات.
كلمات مفتاحية:
ChatGPT Roast، الذكاء الاصطناعي والكلام الجارح، تجربة مع شات جي بي تي، AI Roast، ردود قاسية من الذكاء الاصطناعي، طريقة كتابة البرومبت، تأثير نبرة السؤال على ChatGPT.