مسلسل **"ما تراه ليس كما يبدو"** هو واحد من أبرز الأعمال الدرامية التي طُرحت مؤخرًا في الساحة الفنية، حيث يأتي بفكرة مبتكرة وأسلوب مختلف عن النمط المعتاد للمسلسلات الطويلة. العمل يتكون من سبع حكايات منفصلة، كل حكاية تمتد على خمس حلقات فقط، ما يمنح المشاهد تجربة متجددة كل عدة أيام، ويحافظ على عنصر التشويق والفضول حتى آخر دقيقة.
العنوان نفسه يحمل دلالة قوية، فهو يوحي بأن ما نراه في الحياة ليس دائمًا الحقيقة الكاملة، وأن خلف المظاهر قد تختبئ قصص لم نكن نتوقعها. وهذا هو جوهر المسلسل، إذ يغوص في أعماق النفس البشرية، ويكشف تناقضاتها، ويضع الشخصيات في مواقف تختبر مبادئها ومشاعرها.
فكرة تقديم عدة حكايات في عمل واحد ليست جديدة تمامًا، لكنها هنا تأتي بأسلوب أكثر تركيزًا وجرأة، حيث يتم تقديم أحداث مكثفة وصراعات قوية في زمن قصير، ما يجعل كل مشهد محسوبًا بدقة، ويضمن ألا يشعر المشاهد بأي لحظة ملل.
---
القصة
أحداث المسلسل تنقسم إلى سبع حكايات، كل حكاية تحمل فكرة ورسالة مختلفة، لكن جميعها تدور حول خيط واحد: الحقيقة ليست دائمًا كما تبدو.
**الحكاية الأولى – "فلاش باك"**
تبدأ الأحداث مع "زياد الكردي"، مصور جنائي محترف، يعيش صدمة فقدان زوجته "مريم" في حادث ليلة رأس السنة. مرّت سنتان على الحادث، وزياد يعيش عزلة وحزنًا عميقًا، حتى يتلقى فجأة إشعارًا غريبًا من حساب زوجته على وسائل التواصل الاجتماعي، وكأنها عادت للحياة. يبدأ البحث، ويجد نفسه في دوامة من الذكريات والأسرار والحقائق الملتبسة، حيث يصبح عليه أن يفرق بين ما يتذكره وما هو حقيقي بالفعل.
**الحكاية الثانية – "بتوقيت 2028"**
تأخذنا إلى المستقبل القريب، حيث نتابع قصة زوجين يعيشان حياة تبدو مثالية، لكن سلسلة من الأحداث تكشف أن حياتهما ليست كما يظنان. التقنية الحديثة، والقرارات الصعبة، وصراع القيم مع الطموح، كلها عناصر تتداخل في هذه الحكاية، لتطرح سؤالًا مهمًا: هل نحن من نصنع مستقبلنا أم أن المستقبل يفرض نفسه علينا؟
**الحكاية الثالثة – "Just You"**
تركز على علاقة عاطفية مليئة بالتحديات، بين شابة تحاول إثبات نفسها في مجال عمل صعب، وشاب يعيش صراعًا مع ماضيه. القصة تكشف عن قوة الحب حين يواجه اختبارات قاسية، وتظهر كيف يمكن للمشاعر الحقيقية أن تذوب أمام الحقائق المؤلمة.
**الحكاية الرابعة – "هند"**
تحكي عن فتاة طموحة تواجه ضغوطًا عائلية ومجتمعية كبيرة. تدور القصة حول بحثها عن ذاتها وسط توقعات الآخرين، وكيف يمكن أن يدفعها ذلك لاتخاذ قرارات تغير مسار حياتها بالكامل.
**الحكاية الخامسة – "ديجافو"**
تمتزج فيها الكوميديا بالدراما، حيث يجد شاب نفسه يعيش نفس الأحداث بشكل متكرر يوميًا، ويحاول أن يغير النتيجة في كل مرة. القصة تحمل طابعًا فلسفيًا خفيفًا، وتثير فكرة القدر وإمكانية تغييره.
**الحكاية السادسة – "الوكيل"**
عالم مليء بالمؤامرات التجارية والسياسية، حيث يتورط وكيل أعمال ناجح في صفقات مشبوهة، وتصبح حياته مهددة حين يبدأ في كشف الأسرار. الحكاية مليئة بالتقلبات والخيانات، وتظهر الجانب المظلم لعالم المال والأعمال.
**الحكاية السابعة – "نور مكسور"**
خاتمة المسلسل، وهي أكثر الحكايات عاطفية ودرامية، حيث تدور حول شخصية فقدت كل ما تحبه وتحاول إعادة بناء حياتها وسط ظروف قاسية. القصة تمثل رحلة أمل وإصرار، وتختتم العمل برسالة إنسانية مؤثرة.
---
الأشخاص المشاركين
من أبرز ما يميز المسلسل هو التنوع الكبير في طاقم التمثيل، حيث يشارك فيه نخبة من نجوم الصف الأول والشباب، مما يمنح كل حكاية طابعًا مميزًا.
* في **"فلاش باك"**، يلمع نجم أحمد خالد صالح بدور زياد الكردي، وتشاركه مريم الجندي، مع ظهور مميز لخالد أنور كضيف شرف.
* **"بتوقيت 2028"** يضم هنادي مهنا وأحمد جمال سعيد ويوسف عثمان، الذين يقدمون أداءً يعكس التوتر والدراما المستقبلية.
* في **"Just You"**، تتألق تارا عماد إلى جانب وفاء صادق وبسمة داوود، في أدوار تمزج بين المشاعر الحقيقية والصراعات الداخلية.
* **"هند"** تعتمد على الأداء القوي لليلى أحمد زاهر وحازم إيهاب وهاجر الشرنوبي، الذين يجسدون ببراعة صراع الشباب مع ضغوط المجتمع.
* **"ديجافو"** يقدمه شيري عادل وأحمد الرافعي وعمرو وهبة، مع لمسات كوميدية خفيفة وسط الحبكة الدرامية.
* **"الوكيل"** يضم مراد مكرم، محسن محيي الدين، وبسنت النبراوي، في أدوار تكشف صراع النفوذ والمصالح.
* أما **"نور مكسور"** فهي الحكاية التي تختتم المسلسل، ويشارك فيها طاقم لم يُعلن كامل أسمائه قبل العرض، مما يزيد من عنصر المفاجأة.
العمل من إنتاج كريم أبو ذكري، وبمشاركة مجموعة من المخرجين المتميزين، حيث تولى كل مخرج حكاية مختلفة ليضفي عليها رؤيته الخاصة، إلى جانب فريق كتاب متنوع لضمان تنوع الأفكار والأساليب.
---
مشاهدة المسلسل
مسلسل **"ما تراه ليس كما يبدو"** ليس مجرد عمل درامي، بل هو تجربة مشاهدة متكاملة تمزج بين التشويق والغموض والدراما الإنسانية. فكرة الحكايات المنفصلة تمنح المشاهد حرية الدخول والخروج في أي وقت، دون فقدان الترابط العام، وفي نفس الوقت تحافظ على الإيقاع السريع الذي يمنع الملل.
التنوع في القصص والشخصيات يجعل المسلسل مناسبًا لشريحة واسعة من الجمهور، من محبي الإثارة إلى عشاق الدراما الاجتماعية. كما أن الأداء القوي من الممثلين، إلى جانب جودة الإخراج والإنتاج، يجعل من هذا العمل خطوة متقدمة في الدراما المصرية، ويضعه ضمن قائمة المسلسلات التي تستحق المشاهدة.
في النهاية، ينجح المسلسل في إيصال رسالته الجوهرية: لا تحكم على ما تراه بعينيك فقط، فهناك دائمًا قصة أخرى خلف الستار، وما يبدو واضحًا قد يكون أبعد ما يكون عن الحقيقة. لمشاهدة المسلسل اضغط هنا